في الإجابة على هذا السؤال الخطير والهام جداً نرى أن هناك طرائق عديدة وسبلاً متنوعة يستطيع الأبوان ممارستها في محاولة جادة للنجاة, أو للتخفيف من وطأة جريمة تأثير المخدرات على ابنهما المراهق.. هذه السلوكية واسعة الأطياف, متعددة الطرائق..ولكننا نستطيع تلخيصها بالنقاط والممارسات الست التالية:
1¯ منح المراهق الإحساس بالأمان: على الوالدين والأخ الأكبر, أن يشعروا أولادهم المراهقين بالحرية والأمان, من خلال تشجيعهم على المصارحة في كل شيء مهما كان حجم الغلط الذي وقعوا فيه كبيراً..إذ إن الكثير من المراهقين يعرفون أن المخدرات أمر بالغ السوء ولكنهم يخشون أن يصرحوا لأهلهم بأنهم قد تورطوا فيها وسقطوا في مستنقعها..على الوالدين في هذه الحالة أن يكونا الإسفنجة التي تمتص مشكلات أولادهم, بدلاً من أن يكونا العصا التي يخشى الأولاد منها, ولا بأس أن يشعر الأهل المراهقين بأنهم على علم بتعاطيهم للمخدرات, ولكنهم سيكونون لهم اليد الحنونة التي سترسو بهم على بر الأمان, وأن يمارس ذلك بعيداً عن الغضب والانفعال, لأن الأهل بذلك يخيفون ابنهم ويزيدون المسافة بينهم بعداً,حيث يصبح المراهق بعيداً عن أهله, وينسف جسور التواصل القائمة بينهم, ويوغل في انكماشه وعزلته المريرة...
2¯ المصارحة والتدريب: على الأهل أن يصارحوا ابنهم المراهق ويكشفوا له أنهم يعرفون كل شيء, عبر أسلوب من المودة والحنان, ومن ثم يدربونه على كيفية مقاومته لضغوط أصدقائه وممارساتهم التي تجره للسقوط في هوة التعاطي والإدمان. إن ذلك سيمنحه المزيد من الثقة في قدرته على المقاومة الداخلية والخارجية, فبذلك يتدرب الابن على المصارحة في مقاومة ضغوط رفاق السوء عليه.. وعلى الأهل أن يمتدحوا فيه شجاعته وصموده ورفضه ونجاته من إغراءات تجربة السوء..ذلك موقف هام جداً وخطوة جبارة, لأن الوصول بالابن إلى أن يتبنى موقف الرفض للخطأ المستشري من حوله ليس بالأمر السهل أبداً, بل هو خطوة رائدة.
3¯ بعث الثقة بالنفس: وهذا الموقف يتجلى في مساعدة المراهق على حل المشكلات التي يتعرض لها سواء كانت عاطفية أم اجتماعية أم مدرسية, أو ما يتعلق منها بتنامي الروح والجسد..يجب على الأهل أن يعاينوا المشكلة ويحللوها بصراحة تامة أمام ابنهم المراهق,ويقدموا المساعدة الإيجابية لوضع الحلول اللازمة لها..ذلك من شأنه أن يظهر الصفات الإيجابية المتواجدة لديه والدفينة في أعماقه, وينمي الشعور بالمسؤولية والالتزام الذاتي.
4¯ التشجيع على بناء صداقات جديدة: حيث يسعى الأهل بدأب وروية, لأجل مساعدة ابنهم المراهق على بناء علاقات صداقات جديدة, موضحين بمودة وحب عناصرها الايجابية. الأمر الذي يقتضي محاولة منعه بحنان ثقافي من الاستمرار مع علاقاته بأصدقاء السوء. ولا ضير في أن يكون الوالدان حازمين وجادين بهذا الأمر لبتر دابر علاقات السوء من خلال وضع القواعد والنتائج في تحقيق هذه المعادلة الهامة..
5¯ الاهتمام بشخصية المراهق وذاته: وهذا الأمر يقتضي من الأبوين أن يشجعا ابنهما على تنمية هواياته واهتماماته ومدح العناصر الإيجابية فيها. لأن انشغال المراهق بالرياضة والقراءة مثلاً, وبعض الأنشطة المفيدة الأخرى, يجعله في عالم آخر بعيداً عن الاهتمام بسفاسف الأمور وسلبياتها.. إن إشغال المراهق بالأنشطة الجميلة والإبداعية والثقافية هو من أكثر الحلول نجاحاً لما فيه من تصعيد لعواطفه وميوله وقدراته, حيث لا يبقى لديه وقت للتفكير بأمور أخرى طائشة. لأن طاقاته ومواهبه الكامنة قد أفرغت في الإطار الإيجابي مبتعدة عن السقوط في حمأة الخطأ الأرعن...
6¯ الاعتناء بصحة المراهق الجسدية والنفسية: على الوالدين ألا يتهيبا من عرض ابنهما المراهق الذي أرهقته المخدرات وسلبته جسده و روحه, على طبيب اختصاصي لكي يتم علاجه جسدياً بالشكل الصحيح للتخلص من السموم التي نفثت عكرها في جسده. ومن خلال ذلك يتجه نحو طريق البرء من الأدران النفسية التي لحقته جراء تلك السموم, فيستعيد ثقته بنفسه وقدراته ومؤهلاته التي ستعينه على رسم مستقبل زاهر سعيد..
نخلص من كل ذلك, إلى أن المخدرات داء فتاك يفتك بشبابنا فيجعلهم جثثاً هامدة وعقولاً خامدة ونفوساً مريضة..وعلينا أن نحمي أولادنا من هذا الداء الخطير. ومسؤولية ذلك تقع على المجتمع بكامله, بدءاً من الأسرة, مروراً بالمدرسة, ووصولاً إلى الدولة والمجتمع الكبير..
همسة دافئة أريد أن أوجهها إلى الآباء والأمهات..كلما كانت الحياة في الأسرة هادئة يسودها الحب والاحترام المتبادل, كلما قل انحراف الأولاد وسقوطهم في مستنقع الخطيئة. فليحاول الأهل أن يكونوا المستودع الكبير لأسرار أطفالهم وليستوعبوهم وإلا وجد من يستوعبهم من أبناء السوء وأناس ما بعد منتصف الليل.. لنساعد أولادنا على تجاوز محنهم ومصاعبهم, ولنكن اليد الحنونة التي تمتد دوماً لتنشلهم من هاوية الغلط وتنجو بهم إلى بر الأمان كل ذلك عن طريق توفير المناخ الأسري الهادئ حيث يتم التواصل من خلاله, فيتعرف الأهل على هموم أولادهم ومشكلاتهم, الأمر الذي يؤدي بهم إلى اكتشاف مواهبهم الإيجابية ومتابعتها.. إن بناء جسور التفاهم والتواصل بين أفراد الأسرة جميعاً, يوفر لكل فرد فيها حياة آمنة مستقرة مطمئنة. وهذا بدوره سيكون خير سلاح تواجه به الأسرة مجتمعة المخاطر والمنزلقات التي قد يتعرض لها أفراد الأسرة مهما بلغوا..